Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

رحل ذياب


لله ما أعطى ولله ما أخذ فهو رب العباد، ومن يلوم رياضة الإمارات بالأمس عندما اتشحت بالسواد، وذرفت دموعها وأعلنت الحداد، فقد ودعت فقيدها ذياب عوانة الذي توفاه الله في حادث أليم، رحل عنا وهو في ريعان الشباب، رحل والموت واحد مهما تعددت الأسباب، رحل ذياب ويا له من مصاب جلل بفقدان أحد أفراد جيل المستقبل، ذاك الذي كان يمنحنا الأمل، ولكنه اختار أن يترجل اختار أن يرحل.

رحل ذياب وترك لنا ذكراه وبقايا ابتسامة خجولة ووجه مفعم بالطفولة ونظرة لن ننساها، رحل الذي أهدى بلاده الفرحة، ولكنه بالأمس أبكاها، رحل ذلك الصغير وخسرت رياضة الإمارات نجماً كنا ننتظر منه الكثير كنا نتوسم فيه وفي رفاقه الخير، بكت الإمارات والدمع قد ملأ المآقي، وعزاؤها أن كل من عليها فانٍ ووجه الله وحده الباقي.

ذياب عوانة، ذلك الفتى المحبوب والشاب الموهوب صاحب تلك الابتسامة التي تلين لها القلوب، وعندما نتذكر أننا لن نشاهد تلك الابتسامة مجدداً، ندرك كم هو مؤلم هذا الرحيل، عندما نعلم أننا سنشاهد ذلك المنتخب الجميل، الذي لم تنجب الإمارات له من مثيل، فريق فوزي وعامر وحمدان وخليل، سنفتش حينها عن رفيق دربهم النحيل، سنبحث حينها عن ذلك الشاب، ولن يكون بينهم فقد رحل ذياب.

عندما انبرى فقيدنا الراحل لركلة الجزاء الشهيرة والتي سددها بكعب القدم في مرمى لبنان خلال تلك المباراة الودية، أثنى عليه البعض وانتقده البعض ولم يتفق الطرفان أبداً سوى على شيء واحد هو حبهم لذلك الشاب وخوف بعضهم من بعضهم على ذياب.


يومها، خرج فتحلى بشجاعة الكبار وتقدم بالاعتذار، لم نكن نعلم حينها أنه أراد أن يترك لنا لقطة عابرة تبقى في صميم الذاكرة، أراد أن يترك لنا شيئاً يظل راسخاً في أذهاننا، لن ننساه فقد رحل عنا ولكنه سوف يظل هنا بيننا، نتذكره عندما نرى زملاءه وأقرانه وعندما نستمع إلى النشيد الوطني الذي كان يردده بقلبه قبل أن يلهج به لسانه، وتلك الجهة اليمنى التي ستبقى شاغرة، فهذا هو موقعه وذاك هو مكانه، ولكنه سيبقى خالياً فقد رحل ذياب عوانة.



في الختام:

رحل ذياب عن عالمنا، تمنيناه أن يبقى معنا واختار أن يفارقنا، اختار أن يترجل، اختار أن يرحل.. قدر الله وما شاء فعل، اللهم لا اعتراض وليس في أيدينا شيئاً نفعله سوى أن ندعو «رحم الله ذياباً وغفر له»، وصبرنا على فراقه فكلنا أهله.

د . هانى أبوالفتوح يكتب: مِنْ أَولْ السَطرْ!!



زمن الحروف انتهى
وللا هنسأل فين
من أول السطر
كام كلمة ورا حرفين
وللا خلاص الكلام
أصبح بدمع العين
حتى غناوى الأمل
واقفة هناك
تستنى عالشطين
.....................
يا شط بَعَدْ و غَرَبْ
بُعْدْ السما عن لُقَانَا
إمتى هترجع تِقَرَبْ
وإمتى تصون الأمانة
حمَِلْتَكْ هَمِى و فَرْحِى
وحكيت لك ياما عَلَيا
لا إنت اللى حفظت عهدى
و لا قَرَيتهَا فْ عِينَيه
قلبت ليه المواجع
زَودْتْ ليه الحَزانَى
....................
يا شط أملى الوحيد
بلدى وغالية تنادى
وأنا عشت عمرى بعيد
بس خلاص م الليلة دى
وَقَفْتْ على باب بلدنا
خَبطْت قلت إنى راجع
إفتح بيبان الأمل
دا أنا من زمان بحلم
مستنى لحظة لقانا
.....................
لو كنت فاكر بُعَادَكْ
فَرَقْ ما بينى وبينك
اعرف بأنه لا يمكن
مهما افترقنا وسِنِينَكْ
إللى كتير بَعدِتْنَا
كان البُعَادْ عالورق
وأما تشوف الحقيقة
هتلاقى قلبى حريقة
مايطفيهاش غير رجوعى
مكتوب عليا وعليك
القُرْبْ بس دوانا
..................
بيقولوا كلمة وطن
مِتْكَونَة من حروف
وإللى بيقرا الوطن
لازم يحس ويشوف
وإللى ماشفش الوطن
هَيِمْلا قلبه الخوف
وإللى يخاف م الوطن
خوفه اللى راح يِخْنُقُه
واقف هناك مكسوف
وإللى انكسف من وطن
أكيد بَدَالُه ألوف
وإللى مص دم الوطن
عمره ما غاث ملهوف
وإللى يخون الوطن
قوموا حَضَرُوا له كفن
وإللى بيسرق وطن
أهو زيه زى العفن
وجوده يصبح ندم
مين قال دا كان م البيت
مين قال دا حتى ضيوف
دا خسارة فيه الكلام
وخسارة دبحُه بسيوف
سِيبُوه لِوَحْدُه العَدَمْ
وللا اطلبوه يِنْعَدَم
كفاية عليه حَسرِتُه
وقت الحساب
يترجى مين يرحمه
يقول دى كانت ظروف
........................
الظَرفْ إللى أعرفه
إنك تقولها بوضوح
إللى يحب الوطن
يِبْنِى ويِعَلى فى صروح
وإللى همومه وطن
يزيد معاه الطموح
بأن بكرة جاى
أحسن ما يومنا يِرُوح
لزمتها إيه العتاب
ما كفاية فتح جروح
..................
من أول السطر نِبْدَأ
نِرْجَعْ لمعروفنا
نِغْزِلْ خيوط الأمل
نِدَّفَا من صوفنا
تعالوا نِلِمْ الوطن
ونشيله على أكتافنا
نِصَلَحْ إللى انكَسَرْ
ونِكْسَرْ سنين خوفنا
واللى افتَرَقْ من حروف
هتْجَمعُه حروفنا
وبدال ما نبقى فِرَقْ
الفُرْقَة ما تْشُوفنا
وتوَحِّدُوا إللى خلق
وتوَحِّدُوا صفوفنا ,,,

عمر حاذق يكتب: بيادتك في رجلك يا سيادة المشير!


عندما قامت صفحة كلنا خالد بنشر مقتطفات من الصحف القومية بعد ثورة 23 يوليو مباشرةً، ثم نفس هذه الصحف عام 1954، بحيث يمكن المقارنة بين التصريحات الصادرة عن الضباط الأحرار فور استلامهم السلطة، ووعودهم البراقة الجميلة المفعمة بالأمل والحرية والديمقراطية من جهة، وبين تصريحات الرئيس عبد الناصر سنة 1954 حين قرر إلغاء الانتخابات، ومنع تكوين الأحزاب، فتأسّس الحكم العسكري الذي جرّ على مصر خراب ستين سنة تقريبا، حتى ظننا أن يوم 11 فبراير هو نهاية هذه الحقبة. أقول إنني حين رأيت صور هذه التصريحات على الصفحة، اندهشتُ وسألت نفسي: ما الذي يقصده الأدمن من عرض هذه التصريحات والمقارنة بينها؟ هل يريد الإشارة إلى أن المجلس العسكري قد يكرر هذه التجربة البشعة؟ أجبتُ على نفسي بسرعة: أكيد لا، لا يمكن أن يفكر المجلس بهذه الطريقة أبدا. صحيح أنني أرى بوضوح أن المجلس لا يزال يمثل بوضوح شديد إرادة سياسية معادية للثورة؛ إرادة سياسية تحمي مصالح النظام السابق وتكرسه، وتدفع بالفلول إلى الأمام، وتحمي القيادات الفاسدة المستمرة مثل قيادات الجامعة التي رفضت الاستقالة، وتفكر بطريقة مضحكة فتتصور أن معارضتها خطر كبير يجب استئصاله فتحاكم معارضيها عسكريا وتمد قانون الطوارئ، وتختار لرئاسة الوزراء رجلا ضعيفا منقادا مربوطا بأوامرهم هو ووزراؤه الذين حرصوا منذ بدايتها على أن تضم قدرا معتبرا من أعداء الثورة، ولم يتحسن التشكيل الوزاري وينضف قليلا إلا مع المليونيات التي أجبرت المجلس على تحقيق بعض المطالب البديهية للثورة. وهذه هي المشكلة.
لو كان للمجلس إرادة ثورية، لسعى سعيا إلى تحقيق مطالب الثورة، دون ضغوط ومليونيات. رغم كل ذلك، قلت لنفسي: أكيد لا، لا يمكن أن يفكر المجلس في الاستحواذ على السلطة، ليس لافتراض حسن نواياه، بل لأنه أذكى كثيرا من أن يفوته درس الثورة؛ الدرس الذي تغابى عنه مبارك فشرحه له الشعب خلال 18 يوما، حتى فهم أخيرا وانخلع. لا يمكن أن يكون المجلس العسكري غافلا أو متغافلا عن هذا الدرس لأنه أوضح من الشمس. ورغم أنني كنت دائما ضد فكرة إسقاط المجلس لأنها تعني في رأيي تدمير مصر، لكنني أرى أن الضغط السلمي عليه لتحقيق مطالب الثورة أمر مهم، مادام بشكل متحضر سلمي يتسق مع روح ثورتنا العظيمة، ومادام لائقا بحكمة المجلس العسكري حين قرر في اللحظة الحرجة أن لا يضرب الشعب؛ صحيح أنه لم يكن ممكنا أن يقوم مجند مصري عادي بقتل أبناء شعبه، وقيادة المجلس واعية تماما بذلك، لكنني سأظل أحيّي المجلس بسبب هذا القرار، وسأظل أكتب وأدعو إلى تكريس التحول الديمقراطي للسلطة، وإقامة الانتخابات في موعدها، ليس فقط الانتخابات البرلمانية بل الرئاسية أيضا، حتى لو فاز بها تيار سياسي أعارضه تماما.
لكن المشير طنطاوي قام بعمل مفزع بكل معنى الكلمة، ليس فقط أن يزور وسط البلد، فهو حر طبعا، لكن أن يخلع ملابسه العسكرية ويرتدي ملابس مدنية، ويتجوّل أمام كاميرات الفضائية المصرية؛ بما يعني أن هناك تنسيقا صريحا بين الإعلام المصري وقيادة الجيش، التي أخبرت القناة بالزيارة وسمحت لها بتصويرها ثم تقديمها، فكيف تم تقديمها لنا؟ شاهد هذا الفيديو وامسك لسانك أرجوك:
http://www.youtube.com/watch?v=XMuQqGKZJGc&feature=share
وبعد أن تشاهد الفيديو ادخل على صفحة كلنا خالد سعيد واقرأ لينكات الصحفي (اللامع!) جمال زايدة (مدير تحرير الأهرام) قبل الثورة وبعدها، وارصد بتأنٍ تحولاته الفكرية العميقة كما ستوضح لك الصفحة، وإذا قررتَ يوما أن تصبح منافقا، فأنصحك أن تحتفظ بمقالاته لتتلمذ على قلمه الجبار، لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، ففي جريدة التحرير قرأت خبرا عن رؤساء 22 حزبا يطالبون المجلس العسكري بتأجيل الانتخابات البرلمانية ستة أشهر أخرى. يمكنك البحث عن الخبر على الموقع لأن اللينك طويل جدا... كل ذلك في توقيت واحد، يا محاسن الصدف. لكنك ستضحك طويلا لأنني أراهنك أنك لن تعرف من هذه الأحزاب الكرتونية الـ22 إلا حزبا واحدا أو اثنين على الأكثر، لأنك طبعا مازلت تذكر فضيحة الحاج محمد عبد العال رئيس حزب العدالة الاجتماعية وقضية رشوته المدوية التي لا أريد إعادة تفاصيلها لأنني أظن أنني عكرتُ دمك بما فيه الكفاية.
قيادة المؤسسة العسكرية للدولة تعني تكريس مفهوم الدولة الأبوية، أي الدولة التي تلعب دور الأب مع مواطنيها، وليست الدولة الخادمة لهم، يعني الدولة التي تعرف كل شيء وتقرر كل شيء، ورئيسها هو القائد الأوحد الذي لا شريك له، الدولة التي لا تسمح بإنشاء منظمات للمجتمع المدني ولا أحزاب معارضة حقيقية ولا نقابات مستقلة، الدولة التي تفزع من مبدأ تداول السلطة والشفافية والتعددية والحرية واحترام حقوق المواطن واستمداد الشرعية منه، بدلا من الضغط على السيد شرف لاختيار إعلامي من النظام السابق وليس من فلوله أصلا ليصبح وزيرا للإعلام، ومهندسا لعملية تحويل المشير لـ"قائد" مصر في المرحلة القادمة، الدولة الأبوية هي التي لا تحترم عقول الناس وتظن أنه من الممكن أن يخلع السيد المشير بيادته ويلبس كرافتة أنيقة، فنصدق أنه قائدنا للمرحلة القادمة. الكارثة أن المشير نفسه ربما لا يكون صاحب هذه الفكرة أساسا، فقد يكون مخترع الفكرة صفوت شريف جديد، أو عز جديد، أو سرور جديد....
هل تعلم يا مشيرنا الموقر أن شكلك ببيادتك في رجلك وكابك على رأسك ورتبتك ونياشينك العسكرية تزين أكتافك وصدرك.... شكلك بهذا الزي العظيم أنبل وأشرف وأجمل من أي ملابس مدنية؛ أرجوك إذن، عُدْ لبيادتك وبدلتك العسكرية التي حفظنا صورتك بها، لأنني أخشى أن يأتي يناير القادم، فنجد شباب مصر يتداولون على الفيس بوك مقاطع فيديو كثيرة لنزع صورك من الميادين وإحراقها؛ أعني صورك بالبدلة والكرافتة الكحلي البالغة الشياكة.

وحيد راضى يكتب: أين مرشحو الرئاسة مما يحدث؟



إذا قمت بالبحث عن المرشحين لرئاسة الجمهورية سوف تجدهم منتشرين فى كل مكان فى الجمهورية سواء كان قريبا أو بعيدا، وذلك ليس من أجل حل مشكلة فى مكان ما ولكن من أجل الترويج عن برنامجهم الانتخابى.

هذا البرنامج الذى لا نعرف عنه أى شىء وكأنة سر قومى كلما سألت أحد المرشحين عن بنود برنامجه يرد عليك وبسرعة ويقول ما زال الوقت مبكرا للإفصاح عنه.

بالرغم من أن مصر دولة مليئة بالمشكلات فى كافة المجالات إلا أنها فرصة لمن يرغب فى قيادة أمور البلاد حتى يناديه كرسى الحكم دون أن يسعى هو إليه وذلك من خلال تقديم حلول فعلية للمشكلات الموجودة فى المجتمع.

لدينا حتى الآن أكثر من خمسة عشر مرشح للرئاسة وكل مرشح منهم لديه ثقة عمياء بأنه رئيس مصر القادم وتقريبا يظهرون بصفة شبة مستمرة فى وسائل الإعلام المختلفة ليس كى يقدموا لنا حلولا تساعد الحكومة فى مشكلات إن استمرت فهى ميراث لهم عليهم أن يحلوها فيما بعد.

كما يشعر كل مرشح بأن برنامجه هو الذى سينقل مصر إلى صفوف الدول المتقدمة لذلك يحتفظ بسريته. وهذا يجعلنا ندرك أن فكر المرشحين كما هو لم يتغير فالكل يعمل من أجل مصلحته الشخصية فقط.

منذ أيام قليلة كان هناك اجتماعا لسبعة من مرشحى الرئاسة مع ائتلاف شباب الثورة بناء على طلب الائتلاف وذلك لإبلاغهم عن مطالبهم واتسم هذا الاجتماع بالسرية التامة.

لماذا لا نرى اجتماعا مثل هذا لجميع المرشحين للخروج بحل لمشكلة من مشكلات البلد، إنما لا نرى منهم سوى سياسة الشعارات لكسب الجمهور نرى منهم من يصرح بحق المرأة فى الانتخابات، ومنهم من يقول إنه سيلغى الطوارئ، وآخر سيلغى اتفاقية السلام ويمنع تصدير الغاز لإسرائيل وغيرها.. كل هذه التصريحات سيتمكنون منها بعد عمر طويل بعد الانتخابات لكن أين الحلول لإنقاذ البلاد فى الوقت الحالى، حتى الآن لا نعرف على أى أساس سوف يختار الشعب رئيسه.
يتضح لنا من تحركات كل المرشحين للرئاسة أنهم يسيرون فى اتجاه، وما يحدث فى البلاد يسير فى اتجاه معاكس تماما.

وليد عثمان : المشير والبدلة المدنية

أشفق على إخواننا في المجلس العسكري الذين وجدوا أنفسهم فجأة، هكذا تتفق السيناريوهات وأنا أصدق ذلك حتى الآن ، في قلب معركة سياسية كبرى لم يتدربوا عليها واضطروا إلى أن يستخدموا فيها أسلحة مجهولة بالنسبة لهم .
 ومما يزيد الشفقة أن هذه المعركة ترافقت مع تحول تاريخي في مسيرة مصر، بل والمنطقة والعالم بغير مبالغة، وانهدام أساطير كبرى عن الأنظمة الحاكمة المتمترسة خلف الطغيان والحلول الأمنية القاسية، وإن لم ينفعها ذلك كله.
ولا أملك القدرة، ولا الرغبة، في إساءة الظن بالمجلس العسكري، باعتباره كياناً سياسياً، لكن الحوادث المتعاقبة تتكامل وتتعاون في دفعنا عنوة إلى سوء الظن. ولا حاجة إلى سوق الأدلة والشواهد خوفاً من اتهام بالجحود للجيش في مغالطة كبرى تجعله والمجلس العسكري جسداً واحداً على غير الحقيقة.
ولا أعرف من يستشيرهم المجلس، وهو يقول إنه يستشير، في قراراته السياسية، والبادي أن مستشاريه يجنون عليه كما جنى على مبارك من كانوا حوله. وربما يعشق بعض هؤلاء المستشارين التاريخ الحديث ويستمتعون بقراءة صفحات من ملفات ثورة يوليو متوهمين أن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه وأن شعباً صنع ثورته منطلقا من “فيسبوك” تنطلي عليه حيل من القرن الماضي.
جاء أسامة هيكل وزيراً للإعلام تطارده اتهامات بالولاء للمجلس العسكري ومضت الأمور، ثم أغلقت “الجزيرة مباشر مصر” في لحظة غباء مستلهمة من نظام مبارك ، وإن امتلكت السند القانوني بدعوى عدم حصول القناة على ترخيص أو شكوى الجيران من إزعاجها ومضت الأمور.
بعدها ظهر فيلم قصير في بعض الصحف عنوانه “المشير في الإشارة” ومضمونه اندهاش غير مسبوق بأن سيارة المشير طنطاوي، وهو داخلها، توقفت في إشارة مرور وكيف يمثل ذلك تغيراً في مصر بعد 25 يناير، وكأن الرجل، الذي أسيء إليه أكثر مما استفاد بهذه القصة المتهافتة، لم يعرف احترام القانون قبل ذلك وأنه عاش منذ تولى مهامه العامة على كسر القوانين ثم هدته الثورة إلى سبل الرشاد.
ورفع الفيلم سريعاً من الصحف، ربما لأنه خرج خالي الوفاض من الأرباح، فيما أفرغ المصريون رواد السينما ما في جيوبهم في صناديق إيرادات فيلم “شارع الهرم” بعد أن علا صوت دينا وسعد الصغير على صوت المعركة.
بعدها حاول الإعلام الخاص أن يدلي بدلوه فكانت ملحمة عمرو الليثي ومصطفى بكري، ثم سعد هجرس وأحمد أبو بركة وسامح سيف اليزل، التي عالجت “ملف المشير والرئيس”.
كان مفهوما أن هذا الملف، الذي يسهل على الإعلام الرسمي التبرؤ منه لأنه في قناة خاصة، يحاول الانتصار للمشير طنطاوي وتصديه الحاسم لمشروع التوريث واستعداده للوقوف في وجهه في الوقت المناسب.
والخلاف هنا ليس مع التفاصيل ، بل مع تعسف في التأريخ لوقائع لاتزال تتفاعل ولايمكن الحكم عليها حكما صادقا وهي على بعد خطوات من الأعين. وإذا كانت تفاصيل من ثورة يوليو بعد 60 عاما لاتزال غائمة رغم أطنان من المؤلفات حولها، فما بالنا بأحداث بدأت ولم تنته بعد وكل أطرافها أحياء ، والأهم أن في يد بعضهم السلطة؟.
التساؤل هنا لا ينطوي على سوء ظن ، إنما يشير إلى سوء تقدير قد نفهم منه مالا يرضي المجلس العسكري، وقد يضعنا بعض المعلقين مباشرة في خانة الميالين للمؤامرة الباحثين عن سيناريوهات خيالية ، بل وسوداء، والناكرين لجميل الجيش الذي حمى الثورة والثوار.
وهؤلاء أحيلهم إلى أحدث ما يدفع إلى سوء الظن ويفضح مستشاري الهوى وبطانة السوء الآخذة في التشكل في مساحات تتزايد في الإعلام.
 الأحدث ، حتى كتابة هذه السطور، فيدو المشير طنطاوي وهو يتجول بغير حراسة، هكذا قيل، في وسط القاهرة بعد أن فرغ من زيارة خاصة.
من حق الرجل أن يتجول في وسط العاصمة وأن يزور ويزار بحراسة أو من دونها ، إنما تليفزيون أسامة هيكل لا يملك حق العودة إلى زمن صفوت الشريف وأنس الفقي بفقرة غاية في التنطع والسماجة لا أظن أن المشير طنطاوي استمتع بها.
قال الضيف إنه دار بالفيديو الذي صوره على قنوات خاصة فرفضت إذاعته ، فلم يجد ملتجأ غير الفضائية المصرية ، ثم أخذ على طريقة معلقي الكرة يقول للمقدم : انظر كيف يتجول الرجل بحرية وسط المواطنين وبغير حراسة ويصافح الناس .
ورد المقدم، أي مقدم البرنامج: مفيش قدامه حد بيقول وسع ياجدع والكلام بتاع زمان.
وعلق الضيف، وأظنه صحفيا في مؤسسة قومية، قائلا: المشير ماشي بالبدلة المدنية مفيش أي مشكلة ، ليه ميبقاش رئيس جمهورية؟، وهو الجيش اللي حمى الثورة ة واللي ……………. ……………………………………………………………..
لم أسمع بقية ما قال الضيف، لكني صرخت في أعماقي  يانهار أسود، ياولاد الـ …………..
هكذا يوحي البعض لنا بأن رفض تولي عسكري الرئاسة يمكن أن يجابه ببساطة بأن يرتدي البدلة المدنية ، وكأن الفرق بين الدولتين العسكرية والمدنية البدلة.
هكذا حل تليفزيون أسامة هيكل المعضلة وابتدع مذهباً سياسياً جديداً يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ويورثه ريادة الرائد صفوت الشريف ومهارات الراقص أنس الفقي التي أطاحت بنظام حكم بكامله.
انسوا إذن تاريخاً ابتدأ بيوم 25 يناير، وانثروا التراب على دماء الشهداء، واقبلوا بأي قانون للانتخابات ، وعودوا إلى أعمالكم يرحمكم الله، فالحركات السياسية “عميلة وقابضة”، بشهادة الرويني والجندي وفايزة أبوالنجا، والجيش وحده كان الطرف الأنزه والحامي ولن يقبض ثمن ذلك إلا من المصريين تأكيداً على وطنيته.
وإذا كان الحكم العسكري يجرح أحاسيس بعضكم، فالبدلة المدنية جاهزة ، والمشير محل ترحيب في الشارع حيث يمشي بغير حراسة.
هذه هي رسالة تليفزيون أسامة هيكل الذي يرد جميل توزيره للمجلس العسكري في مسلك يذكر بالدبة التي قتلت صاحبها. مانخشاه أن يكون صاحب الدبة مستعداً للقتل، والقتل هنا يعني الخصم من رصيد مؤسسة وطنية ندخرها دوماً لما هو أهم من الرئاسة، ومعاركها أقدس من أن تتلوث باختلافات الفرقاء ، والمهم أنها معارك لا تحتاج إلى البدلة المدنية.

12يومـا مضت على رحيل الأخ ابراهيم سلمان ابودقة

12يومـا بنهـاراتهـا وليـاليهـا مضت على رحيل الأخ ابراهيم سلمان ابودقة ولكنهـا في حسابات الحزن والأسى هي سنوات طوال
بالنسبة لعائلته الكريمة ومحبينك ، لأن أيام صعبة بنسبة الى كل من عرفك والمجتمع يذكرهم به ويجدد الحزن
والألم في نفوسهم المتالمة اساسا بسبب رحيلك الفراق شيء اليم و قاسي عندما نفقد من نُحب,
فكم كان يوم رحيلك يا غالي مشهودا لن ننساه مهما مرت علينا الأيام
والسنين فعلى الرغم من إننا نؤمن أن الموت حق إلا أن رحيلك المفاجئ
كان له الوقع الأليم في نفوسنا, فما كنا نتخيل يوماً علي الرغم من معاناتك الصحية
أن نعيش بعيدين عنك إلا إنها إرادة الله وقدره، ولا نملك إلا أن نقول ما يرضى ربنا "
إنا لله وإنا إليه راجعون . "فما زلنا نعيش الحزن لفراقك حزناً يسكن أعماقنا
و يتخلل وجداننا و نشتاق إليك...
كيف لا و أنت كنت لنا الأب الرائع والحنون و السند و الصديق,
كم نشتاق إلى نبرات صوتك الموجهة و الناصحة, و عطفك
و نشعر بحنين لتلك الأيام التي كنا فيها نضحك و نتسامر و نتحاور ,
لقد تركت فراغا من الصعب أن يملؤه غيرك , فراغاً كبيراً افقدنا الشعور بالأمان و الحماية,
و هذا حالنا و حال كل من عرفك عن قرب , فبرحيلك المؤلم حُرمنا من أخا عظيماً لا يعوضه
احد و مكانة لا يشغلها بشر , فقد عشت دائماً تعلمنا الحب و العطاء و الصبر في أروع معانيه.
فقد بكى لرحيلك كل من شملتهم بحبك وعطفك.أخي .. ستبقي ذكراك معنا خالدة,
و لن تغيب عنا حتى نلحق بك... نودعك و نسأل الله عز وجل أن يتغمدك بواسع رحمته.
و يجعل مثواك الجنة و يلهمنا جميعا الصبر و السلوان و يخلفنا فيك خيراً. أهلك ومحبوك
كاتب المقال سلوم ابوحبيبة

عمر طاهر يكتب: «مصر للطيران» بتطفش اليابانيين


الموضوع باختصار أن شركة «مصر للطيران» أرسلت خطابا رسميا لشركات السياحة اليابانية تبشرها بالغضب الشعبى المتوقع فى مصر الفترة القادمة، وتطلب منها تأجيل رحلاتها إلى مصر لأجل غير مسمى.. أما عن نص الخطاب فهو كالتالى:
«أولا نشكر لكم حسن التعاون معنا خلال السنوات الماضية ونعتذر عن إيقاف رحلاتنا بداية من 4 فبراير مدة 10 أشهر، وذلك لظروف خارجة عن إرادتنا، وكنا فى وقت سابق قد أرسلنا إليكم أننا سنبدأ رحلاتنا مرة أخرى يوم 19 نوفمبر، ولكن نتيجة لتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية وهو ما قد يؤدى إلى غضب شعبى فى مصر، فإن (مصر للطيران) قد قررت تأجيل رحلاتها لأجل غير مسمى، نعلم أن قرارنا هذا قد يؤدى إلى خسائر لكم، ولكننا نقدم لكم خالص اعتذارنا ونتمنى أن تتفهموا موقفنا.. مكتب (مصر للطيران) طوكيو».
طيب.. هل هذا يعنى توقف اليابانيين تماما عن السفر لمصر؟ ليس صحيحا.. سيستمرون فى التدفق ولكن عبر حجوزات على شركة «طيران قطر»، التى استفادت من البلبلة التى أحدثتها «مصر للطيران»… والتفاصيل فى رسالة من مجموعة من شركات السياحة والفنادق والمطاعم الذين سينظمون احتجاجا بسبب الذعر الذى تبثه «مصر للطيران» فى أنحاء العالم.. تقول الرسالة:
….
«نحب أن نعرف سيادتكم نحن العاملين بشركات السياحة العاملة فى السوق اليابانية من موظفين ومرشدين ومندوبين وممثلين عن الفنادق وشركات النقل السياحى والمطاعم، أننا سنقوم بعمل مسيرة من مجمع التحرير حتى مقر مجلس الوزراء يوم السبت المقبل الساعة الحادية عشرة صباحا، وذلك لتقديم شكوى رسمية إلى معالى السيد رئيس الوزراء بخصوص سياسة (مصر للطيران) التى من شأنها تدمير السياحة القادمة من اليابان وإساءتها إلى العلاقات المصرية-اليابانية، على النحو التالى:
- يعتبر السائح اليابانى من أعلى السياح إنفاقا فى مصر، حيث يصل معدل إنفاقه إلى عشرة أضعاف السائح الأوروبى.
- يأتى إلى مصر 130 ألف سائح كل عام.
- يزور السائح اليابانى فى أثناء رحلته إلى مصر من أقصاها فى الشمال إلى أقصاها فى الجنوب (من الإسكندرية إلى أبو سمبل)، مستخدما فنادق ومراكب ووسائل نقل برية وجوية ومرشدين ومطاعم، مما يؤدى إلى انتعاشة إلى كل هؤلاء بصفة مباشرة وغيرها من الصناعات التى تقوم عليها بصفة غير مباشرة.
- بعد ثورة يناير أوقفت (مصر للطيران) رحلاتها إلى اليابان بسبب فرض الحكومة اليابانية حظرا على زيارة السائحين اليابانيين بسبب الظروف الأمنية.
- قامت وزارة السياحة بمجهودات عظيمة ونظمت مؤتمرا لوفد شركات السياحة اليابانية إلى مصر للوقوف على الوضع الأمنى، واتفقوا على استئناف شركات السياحة اليابانية رحلاتها إلى مصر، وأن تستأنف (مصر للطيران) رحلاتها إلى اليابان وأن تعمل السفارة اليابانية على إزالة الحظر عن مصر.
- قامت كل الأطراف بواجباتها وأعلنت شركات السياحة اليابانية استئناف برامجها ووضع مصر فى برامج الشتاء القادم.
- قامت وزارة الخارجية اليابانية بإزالة الحظر تماما عن كل مصر، ما عدا النصيحة بتوخى الحذر فى أثناء زيارة القاهرة، ولكنها لم ولن تمنع أحدا.
- قررت (مصر للطيران) استئناف رحلاتها بدءا من يوم 18 نوفمبر بواقع رحلتين أسبوعيا.
- وبعد أن قامت شركات السياحة اليابانية بعمل برامجها والإعلان عن استئناف الرحلات، مستخدمة (مصر للطيران) وأخلفت (مصر للطيران) وعدها، وقررت إلغاء رحلاتها إلى أجل غير مسمى.
- الأغرب هو السبب الذى ساقته (مصر للطيران) بأنها تتوقع غضبا شعبيا فى مصر، نتيجة تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، مما أصاب الشركات السياحية بالقلق.
- جاء القرار فى صالح الخطوط الجوية القطرية التى أعلنت زيادة عدد رحلاتها إلى مصر.
فلمصلحة من تعمل (مصر للطيران)؟؟؟
لمصلحة من تصيب شركات السياحة اليابانية بالقلق من زيارة مصر؟؟؟
لمصلحة من تضرب ليس فقط السياحة اليابانية إلى مصر، ولكن العلاقات المصرية/ اليابانية.
إننا نطالب نحن العاملين بالسوق اليابانية بما يلى:
1- إلغاء قرار (مصر للطيران) بعدم استئناف رحلاتها إلى اليابان واستئناف رحلاتها، حفاظا على سمعة مصر.
2- التحقيق مع مدير محطة (مصر للطيران) فى طوكيو لإرسال خطاب إلى شركات السياحة اليابانية يضر بمصلحة مصر».

عمر طاهر يكتب: حكومة إعمل نفسك ميت

لم يحقق إعلان السمّاعة العجيبة أى مبيعات خلال اليومين الماضيين، بل وصلتنى رسالة من أحد الأصدقاء أصحاب الاحتياجات الخاصة، يعاتبنى فيها على جعل خلل صحىٍّ ما مادة للسخرية، وأكد لى أن السماعات دى عمرها ما نفعت حد من مستخدميها، طبعا أنا مدين بتوضيح لهذا الصديق، مؤكدا أن من فقد حاسة السمع يعوضها بتقوية حاسة الفهم والاستنتاج والألمعية الذهنية، فمعظم من صادفونى فى حياتى من أشخاص يعانون من مشكلات فى السمع يتميزون بمهارات ذهنية مذهلة وحساسية مفرطة، ولم أقصد بالإعلان أن أضايق أحدا منهم، ولكننى أردت أن أضايق من رزقه الله نعمة السمع كاملة، لكنه لا يحسن استخدامها، بل يدّعى الصمم أحيانا، أما بخصوص وجهة نظر هذا الصديق فى عدم جدوى هذه السماعات المنتشرة فى السوق، فهذه شكوى أرفعها لوزارة الصحة، وأنا متأكد تماما أنهم لن يهتموا وتلك هى المشكلة.
أتمنى على اللجنة التى ستضع دستور مصر القادم أن تضمِّنه مادة واضحة وصريحة تلزم كل مؤسسة أو جهة حكومية أو خاصة أو شركة أو وزارة بالرد على ما ينشر فى حقها من شكاوى أو مستندات فساد خلال أسبوعين على أقصى تقدير من تاريخ نشر الشكوى، وأن تكون عقوبة تجاهل الرد أو التعليق قاسية، تختص بها النيابة الإدارية، بحيث تعاقب المسؤول الأول فى هذه الجهة بلفت النظر أو الإنذار أو التوقيف عن العمل.
انتهى زمن التنفيض وعرف الناس سكة الشارع وباتت الإضرابات حقا مكفولا للجميع، لا يستطيع أحد أن يقف فى طريقه، وأنا شخصيا أشجع كل من سلك الطرق الشرعية لبث مظالمه وشكواه دون أن يحصل على نتيجة أو رد على الإضراب، ولكن واجب علينا أن نصوغ قانونا شعبيا للإضرابات، لا يؤذى أحدا ولا يجلب اللعنة على المضربين، ويكون نافذ التأثير فى صميم قلب الجهة التى تجاهلت شكوى المضربين، قبل أن يكون نافذ التأثير فى بقية الناس، تعجبنى فى قانون شركات النت فكرة، ربما تصلح لأن تكون الأساس الذى تُبنَى عليه الإضرابات فى الفترة القادمة، فشركات النت تحدد لك مقابل اشتراك شهرى معين سرعة تحميل معينة.. عندما تتجاوزها أو عندما تتجاهل دفع الاشتراك لا تقطع عنك الشركة الخدمة مباشرة، لكنها تقلل سرعة التحميل إلى أقل حد ممكن، فتضيّق عليك الشركة الخناق دون أن (تفطسك تماما) تسمح لك بمساحة من خدمة النت تليق بالأساسيات مثل الدخول إلى البريد الإلكترونى، لكن لا مجال للدخول إلى خدمات أخرى حتى تلتزم بما عليك من حقوق، هكذا يجب أن يكون الإضراب.. تضييق الخناق بدلا من الشلل التام، الحفاظ على أساسيات الخدمة دون ضربها فى مقتل، وقف الخدمة تماما يؤدى إلى الانفعال والعند، لكن الذكاء أن تترك (شعرة) تقود من يتجاهلك إلى معرفة قيمتك.
المهم.. ورث القائمون على البلد من النظام السابق نظرية (إعمل نفسك ميت) ينشر الواحد شكوى ويعتقد أنه لن ينام عقب نشرها من كثرة التليفونات التى ستتبارى فى الرد والتوضيح أو النفى، لكن ولا حاجة!! أكاد أرى كل وزير أو رئيس شركة أو رئيس مجلس إدارة والسكرتارية تعرض عليه الشكوى المنشورة، وهو يشيح بوجهه بعيدا قائلا: (ماتردوش عليه.. سيبوه يهوهو.. لو ردينا هنكبّر الموضوع.. سيبك منه نفّض نفّض).
نشرت عن الطائرة العسكرية التى طاردت السائحات بالمايوهات على شواطئ العين السخنة وتوقعت أن أتلقى ردا يؤكد أن ما شاهده السائحات محض خيال وحديث نفس، لكن ولا الهوى! نشرت عن فضيحة شركة مصر للطيران التى تطالب الشركات السياحية اليابانية بعدم السفر إلى مصر الفترة القادمة، لأنها تتوقع غضبا شعبيا.. توقعت أن يدافع أحد عن شركة حكومية تطفّش السياح أو حتى يشرح لنا الحقيقة أو يرد قائلا: أنت راجل كداب ومافيش حاجة من دى حصلت، لكن لا فائدة. كتبت عن الرجل السعودى الذى يربى أسدا ونمرا فى فيلته بمدينة الرحاب مسببا ذعرا لجميع جيرانه وتطوعت إحدى الجارات بنقل الشكوى للمسؤول الذى يقع مكتبه فى شركة مليئة بكميات من صور فوتوغرافية لهشام طلعت مصطفى معلقة فى كل الجدران ومكتوب تحتها (كلنا هشام طلعت مصطفى).. قال لها المدير إن الصحافة تهوّل الأمور كالعادة وماتخافوش اللى الراجل مربيه ده مجرد شبل صغير.
كتبت عن أشياء كثيرة لكن هاقول إيه.. من يعاشر القوم أربعين يوما يصبح منهم.. ومن يعاشر مبارك 30 سنة من الطبيعى أن يصبح مبدؤه فى الحياة (خلّيهم يتسلوا).. وبالفعل أنا وكثيرون سنتسلى على هذه النماذج، مثلما سبق لنا أن تسلينا على مبارك حتى رحل.. الصبر طيب.

خطاب الرئيس، قراءة حائرة في منطق الفرح

خطاب الرئيس، قراءة حائرة في منطق الفرح.
كنت أتابع باهتمام بالغ خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، وأسجل النقاط بالترتيب، وفواصل التصفيق، وكنت أفكر في كل كلمة قالها، فالخطاب حمال أوجه، في فقرات كثيرة، تبادر لذهني لحظة أننا بدأنا نتقن لعبة الخطاب المموه، وكنت أتساءل: هل وتيرة الخطاب مناسبة للموقف.
نتنياهو فاجأني بصراحته المفرطة، تابعت ما قاله باهتمام، ورصدت له مثلما رصدت للرئيس، فوجئت على الفور بالقنوات الفضائية تتسابق لتحليل خطاب أبو مازن، وربما تسابق المحللون على الفضائيات،ونسو خطاب نتنياهو المرعب، وهكذا خرجت قراءات اليوم الأول مقتصرة على خطاب أبو مازن، دون أن تقرأ خطابه على ضوء ما قاله نتنياهو.
لكنني قررت الانتظار قليل، فنغمة الشارع فيها حالة من الفرح الهوسي، ونغمة حماس فيها بعض الارتباك، فقد تدفق الإخوة أبو مرزوق وأبو زهري بالتحليل، مع أن خطاب نتنياهو كان وحده كافيا لإيصال الرسالة بأننا لن نحصل على دولة، واعتقد أن العقل الباطن للأخوين أبو مرزوق وأبو زهري كان يقول" أبو مازن لماذا لم تأخذنا معك؟ وهذا يذكرني بكلمات محمد نزال التي قالها أثناء الحرب على غزة حين توجه أبو مازن إلى مجلس الأمن، وزل لسان محمد نزال، حين سأله مذيع الجزيرة عن رفضه ذهاب أبو مازن إلى الأمم المتحدة، فكان رد نزال: أن الاعتراض ليس على الذهاب إلى مجلس الأمن، بل لأن أبو مازن لم يصطحب وفدا من حماس، حماس تريد من جديد منازعة فتح على تمثيل الشعب في الأمم المتحدة، وهو تمثيل يكبلنا أكثر مما يفيدنا.
وباستثناء صلاح البردويل كان الاخوة في حماس مرتبكين تماما ولم يركزوا على مخاطر أيلول بالتحليل السياسي بل بالتمنيات الفئوية، السيد صلاح البردويل قال كلاما مهما،وطرح تخوفات وتوقعات جديرة بالتحليل.
ما فاجأني على صفحات الفيسبوك جعلني مهتما بموضوع آخر، وهو خطاب الكادر الفتحاوي، المنتشي جدا بالخطاب، احتشد آلاف من أبناء فتح في انتظار خطاب الرئيس، ولم نشاهد تلك الآلاف محتشدة في بلعين ونعلين والمعصرة، رغم أن الرئيس يشدد على المقاومة السلمية إلا انه لا يحشد لها وهذا غريب،وعلى افتراض أن وكالة معا صادقة في بعض أرقامها – فمن حقنا أن نتساءل: إذا كان عدد المحتشدين لخطاب الرئيس في الخليل قرابة 350 ألفا، فلماذا لم يحتشد ألف فقط في فعاليات المقاومة السلمية في البلدة القديمة، ولماذا لم تحشد فتح ربع هذا الحشد حين اصدر الإسرائيليون قرارا بإغلاق شارع الشهداء.
من ايجابيات خطاب أبو مازن، انه أعطى شحنة لشباب حركة فتح، وأعاد لهم بعض الاعتبار المعنوي، وأشعرهم أنهم أمام مهمة تاريخية، هذه الحالة يجب الحفاظ عليها وتطويرها، بخطط حركية، والحفاظ على الشعلة، أما تحويل كل تلك الطاقة إلى مهرجان مليء بالهوس فهو اخطر ما قد تتعرض له فتح من حيث لا تدري.

ما فاجأني فعلا على الفيسبوك،هو مستوى الخطاب الردحي للإخوة الفرحين جدا بالخطاب، مجمل الديباجة الدعائية المنتشية بالخطاب تعتمد على:
- السب والشتم والتخوين
- اتهام المعارضين بالوقوف إلى جانب إسرائيل، وبعضهم تطرف أكثر، فوصفني بأنني أقف إلى جانب إيران، ولو أردنا أن نتحاكم إلى قواعد اللعبة ذاتها، فيكفي أن اذكرهم بأن احمدي نجاد غادر القاعة ولم يحضر خطاب نتنياهو، بينما خاطب أمريكا بخطاب ناري يفوق خطاب رئيسنا كثيرا.فعلى قاعدة العداء لإسرائيل أيهما اقرب إلى الرئيس احمدي نجاد أم ملك الأردن؟
- هل سنغير مواقفنا من سوريا التي قررت أن تعترف بنا؟ متجاهلة موقف حماس. هل سنغير موقفنا من السعودية التي أرسلت لنا بعض الملايين، وضغطت على دول مجلس الأمن ألا تصوت لصالح فلسطين؟
- اتهام المعارضين بأنهم من أنصار حماس، وهذا مؤشر خطير على انحراف البوصلة الوطنية التي صار يقاس فيها انتماء الفتحاوي بمدى كراهيته لحماس أكثر من كراهيته للإسرائيليين
- كثير من أبناء فتح الذين يصنفون على قواعد الحب والكراهية، يؤيدون بجنون خطاب عباس، فيما يزينون واجهات الفيس الخاصة بهم بصور قائدهم الملهم محمد دحلان، فما هي قواعد اللعبة التي يرتضونها كي يقولوا كلاما مفيدا.
على حركة فتح أن تراقب عناصرها جيدا، وان تعبئهم ببعض الأدبيات السياسية، من المضحك مثلا أن احدهم يفتخر كثيرا بماجد أبو شرار وأبو علي إياد، ولما سألته إن كان يعرف بعض كتابات ماجد أجاب بالنفي، وبناء عليه أدعو الإخوان في فتح إلى أن يقرئوا ما كتب ماجد، ويقارنوا فكره الثوري بواقع حركة فتح وإنجازاتها، وعندها عليهم أن يختاروا أحد أمرين: إما أن القيادة فاشلة، وإما أن حركة فتح بريئة من ماجد أبو شرار..

بلال فضل يكتب:مصر ليست فرنسا!


بعض الشباب أمرهم محير، تسمعهم يتحدثون بحرقة عن أسفهم، لأن الثورة المصرية لم يكتب لها أن تكون مثل الثورات التى فرضت الشرعية الثورية والمحاكم الثورية، ووصل فيها الثوار إلى الحكم دون انتخابات ولا دياولو، فإذا سألتهم عن أى ثورة يتحدثون وجدتهم ينفرون من الاستشهاد بالثورة الروسية البلشيفية بسبب سمعتها المهببة فى قمع الحريات، ويتجنبون الاستشهاد بالثورة الإنجليزية والثورة الأمريكية، لأن تفاصيلهما ليست حاضرة فى الوعى الجمعى، وينفرون من الحديث عن الثورات الإصلاحية التى شهدتها أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية، لأن كلمة الإصلاح تبدو ثقيلة على قلوبهم، ولذلك تجدهم يفضلون الاستشهاد بالثورة الفرنسية باعتبارها المثل الأشهر، وعندما تبدأ تحدثهم عن تفاصيل لا يعرفونها عن تلك الثورة، يبدؤون فورا فى القول بأن مصر ليست فرنسا، وأن ما يحدث قبل ثلاثة قرون من الزمان لا يمكن أن يحدث الآن، طيب يا سيدى.. لماذا تستشهد بالثورة الفرنسية إذن؟ لماذا لا تكمل بنفسك المثال الثورى الراقى والفريد الذى بدأته ثورتك وأبهر العالم أجمع؟ لماذا لا تعرف أولا ما الذى حدث فى الثورة الفرنسية لعلك تتوقف عن الاستشهاد بها، أو حتى تستمر فى الاستشهاد بها وأنت على بيِّنة؟
فى كتابه (روح الثورات) يخصص المفكر الفرنسى جوستاف لوبون فصلا كاملا بعنوان (مظالم الثورة الفرنسية) يحكى فيه عن 187 محكمة ثورية، أقيمت خلال الثورة، منها 40 محكمة كانت تحكم بالقتل وتنفذ أحكامها فى مكان الحكم حالا، ولم تكن كل تلك المحاكم دليلا على وجود قوة مسيطرة فى الدولة، بل على العكس، فى حين كان الثوار مشغولين بإعدام رموز الماضى، نشأت جيوش من اللصوص والقتلة كانت تجوب البلاد وتنهب العباد.
يقول لوبون -وهو يصف تلك الفترة- «فى الثورات يكون المتعصبون أقلية، وأكثرية الأعضاء فى مجالس الثورة الفرنسية كانوا مطبوعين على الحياء والاعتدال والحياد، ولكن الخوف هو الذى كان يدفعهم إلى السير مع القساة المتطرفين». وهو يرى «أن هؤلاء المحايدين الذين لا يملكون جرأة الوقوف أمام الصوت العالى لا فرق بينهم وبين المتطرفين من حيث الخطر، فقوة هؤلاء تعتمد على ضعف أولئك، ولذلك يسيطر على الثورات دائما أقلية حازمة مع ضيق عقل، تتغلب على أكثرية متصفة بسمو المدارك وفقدان الخلق، لكنها صامتة ومحايدة». تقرأ هذا الكلام فتحمد الله على أن أغلبية الثوار لدينا ليسوا متعصبين ولا متطرفين، رغم أن سياسات المجلس العسكرى كل يوم تشجع على انتشار التعصب الثورى بشكل يهدد البلاد بأكملها.
فى موضع آخر يتحدث لوبون عن فئة ثالثة من الناس، تظهر أيام الثورات ولا يهمها سوى الاستفادة منها، وهو يصفهم بوصف نستخدمه نحن أيضا فى أيامنا هذه «الراكبون على الثورة» قائلا إن عددهم كان عظيما فى أوائل الثورة الفرنسية «لقد ركب على الثورة الفرنسية محامون عاطلون عن العمل وأطباء مبتذلون وكهنة معتزلون وأغبياء خاملون، وغيرهم ممّن لم يبتسم لهم ثغر الدهر» والعجيب أن هؤلاء كانوا يقومون بتشجيع المتعصبين بشدة، بل وكانوا يشاركونهم فى أعمالهم العنيفة ويصورون لهم أنهم بممارسة العنف سينتقلون إلى درجة أعظم الملوك.
ثم يتحدث لوبون عن مباراة فى التعصب الثورى، حدثت بين اثنين من رموز الثورة هما دانتون وروبسبير، «دانتون كان محرضا ذا صولات وجولات، وكانت نتائج خطبه القاسية تحزنه فى الغالب، وكانت درجته الثورية رفيعة أيام كان خصمه المستقبلى روبسبير فى الصف الأخير من الثوار، لقد جاء وقت كان فيه دانتون روح الثورة الفرنسية، ولكن ضميره -الذى كان يوجعه أحيانا- لم يُرِهِ ما حوله من مخازٍ، جعل روبسبير يتغلب عليه، بل ويسوقه إلى المقصلة، كان سر تقدم روبسبير هو اعتماده على أهل النقائص ومقترفى الجرائم. لم يكن فصيحا كدانتون، لكنه كان صاحب سحر شخصى، خصوصا على النساء وكان سوداوى المزاج ضعيف الذكاء عاجزا عن فهم الحقائق، ماكرا مداجيا معجبا بنفسه إعجابا لم يفارقه طوال حياته، معتقدا أن الله أرسله ليوطد دعائم الفضيلة، وكان ينقّح خطبه طويلا وقد أدى حسده الخطباء والأدباء إلى قتلهم، وكان يستخف بزملائه وكان دائما يشعر أنه محاط بأعداء ومتآمرين. ولذلك أقر قانونا يسمح بقطع الرؤوس بالشبهات، فقطع فى باريس وحدها 1373 رأسا فى تسعة وأربعين يوما. ربما يجعلك هذا الكلام تكره روبسبير بشدة، لكننى متأكد أنه سيجعل بعض الشباب الثورى يحبه بشدة ويتمنى أن يكون مثله يومًا ما، ولهؤلاء أضيف معلومة بسيطة هى أن روبسبير لم يمض وقتٌ طويل حتى تم قطع رأسه هو وكبار أعوانه البالغ عددهم 21 رجلا بنفس الطريقة التى قام بها مع خصومه، فالعنف وحش مجنون إذا أطلقته لا يمكنك أبدا أن تسيطر عليه.
الثمن الأفدح لم يكن هو الذى دفعه دانتون أو روبسبير، بل كان الذى دفعته البلاد بأسرها، حيث استفحل أمر الفوضى وحن الناس إلى رجل يعيد إليهم النظام، يقول لوبون «قبضت على زمام فرنسا فئة قليلة مكروهة فصارت ثلاثة أرباع البلاد، ترجو أن تنتهى الثورة ليتم إنقاذها من أيدى هذه الفئة المكروهة التى بقيت مدة طويلة على رأس الأمة التعسة بما تذرعت به من ألوف الحيل والوسائل، ولما أصبح بقاؤها -حاكمة- لا يتم إلا بالإرهاب أخذت تقضى على من كانت تظن أنه مخالف لها، ولو كان من أشد خدم الثورة الفرنسية إخلاصا» ولما عمت الفوضى بحث الناس عن رجل قوى قادر على إخمادها فكان بونابرت هو الحل.
يتحدث لوبون عن المشكلات التى يمكن أن تحدث عقب الثورات إذا لم تُحسن إدارة البلاد، وإذا لم يتولَّ حكمها من يدرك أن الناس عقب الثورات محكومون بنفسيتهم أكثر مما هم محكومون بالأنظمة التى تفرض عليهم، وهنا يستشهد بالفيلسوف العظيم مونتسكيو الذى يقول «كان الناس أحرارا فى ظل القوانين فصاروا يرون الحرية فى مخالفة القوانين، وأصبحوا يسمون ما هو حكمة سخافة وما هو مبدأ عسرا.. يظهر فى الحكومة الشعبية جبابرة صغار، فيهم ما فى الجبار الكبير من النقائص، ومتى أصبح أمرهم لا يطاق قبض على زمام الحكم جبار واحد فخسر الشعب كل شىء. لذلك وجب اجتناب ما تجر إليه الديمقراطية من المغالاة فى المساواة المؤدية إلى الحكم المطلق فإلى غزو الأجنبى للبلاد». وهنا ينبهنا لوبون إلى أنه فى أحوال فوضوية مثل هذه تأتى إلى الحكم دائما إدارة استبدادية تقوم بمنح منافع لأجزاء كبيرة من الشعب، لكى تتمكن من البقاء، وهو ما فعلته حكومة الديراكتور الاستبدادية التى منحت أبناء الطبقة الوسطى والفلاحين ما كانت الطبقات العليا مستولية عليه من الوظائف والأموال، وجعلتها بذلك من أعظم أنصارها، طيب عزيزى الثائر: هل يذكّرك ذلك بحكم مماثل جاب لنا الكافية ستين عاما؟ أم أنك فقط تهوى ترديد شعار «يسقط حكم العسكر» دون فهم يجعلك تسقطه فعلا؟

بلال فضل يكتب: النص الكامل لشهادة المشير!


 
ثورة، ما ثوراشى، ها هى مصر ما زالت قادرة -بنفس الكفاءة- على إنتاج المضحكات المبكيات. وها أنت فور قراءتك عنوان المقال تضع يدك على قلبك سائلا: هل جننت أو جاءنى خابط فى نافوخى لكى أفعل شيئا إدًّا ككسر حظر النشر الصادر بحق شهادة المشير طنطاوى فى قضية قتل الشهداء؟ لا يا سيدى حتى لو كنت قد جننت فلن أقوم بتوريط صحيفتى قانونيا فى خرق حظر النشر، خصوصا أنك لست بحاجة إلى قراءة الشهادة أصلا، لأنك مثلى ومثل الملايين من أبناء هذا الوطن المنكوب قرأت بالتأكيد التسريبات التى حملت عنوان (النص الكامل لشهادة المشير) والتى تم نشرها فى مئات المواقع الإلكترونية بأيدى آلاف المدونين والناشطين السياسيين الذين انتصروا لحق المواطن المصرى فى المعرفة، خصوصا أن الجهات المسؤولة لم تقدم مبررات تقنع الناس بأن حظر النشر فى هذه الشهادة يشكل -حقًّا- خطورة على الأمن القومى، كما قيل.
شوف الدنيا يا أخى، انتشرت تسريبات الشهادة بين الناس، لدرجة أننى تناقشت فيها مع سائس أخرس بالقرب من بيتى، كانت المناقشة -طبعا- بلغة الإشارة، لذلك يستحيل أن أنقلها لك هنا، ومع ذلك فنحن مضطرون، لأن نتجنب مناقشة تلك التسريبات، فقط، لأن لدينا مسؤولين لم تصلهم بعد حقيقة أننا نعيش فى عصر الإنترنت حيث لا تخفى على الناس خافية، ولم يقتنعوا بعد أن الشعب المصرى قام بثورة، أسقط فيها كل المحظورات، وأن من العبث أن تتحدى جيلا ثائرا، خصوصا إذا كنت تخذله كل يوم تقريبا، وأن الطريقة الوحيدة للحفاظ على الأمن القومى -دون زعزعة- هى أن لا تترك المجال مفتوحا للتكهنات والتخرصات، وأن لا تحجب عن شعبك حقه فى حرية المعرفة، خصوصا وقد دفع ثمنا غاليا لها.
طيب، بعيدا عن كل ما جرى، وما إذا كان دقيقا أو مجتزءًا أو حتى مغلوطا، سأحلف -وليس لك علىّ حلفان- إننى لم أكن مهتما بقراءة تسريبات الشهادة، ولست مهتما بأى شهادة من أى نوع فى تلك القضية، فمبارك بالنسبة إلىّ مسؤول مسؤولية سياسية كاملة عن قتل وإصابة آلاف المتظاهرين السلميين الذين خرجوا ثائرين على حكمه الفاسد الظالم المهين لهم ولبلادهم العظيمة، لن تفرق معى ببصلة إذا كان قد قال «خلّصوا لى على العيال دول» أو إذا كان قد أشار بيده إلى رقبته وأصدر صوتا من حنجرته كالذى يصدره زعماء المافيا ليأمروا رجالاتهم بالقتل، مبارك كان رئيسا لمصر عندما تم إطلاق النار على المتظاهرين وقطع الاتصالات عنهم لكى يموتوا أسرع، واعتقال مصابيهم من المستشفيات واستخدام سيارات الإسعاف فى قتل المواطنين واختطافهم. ببساطة شديدة مبارك مسؤول أمام الشعب عن كل روح أزهقت، أو كل بدن أصيب طيلة مدة رئاسته للحكم، وإذا كانت الثورة قد قامت لسبب واحد فقط، هو أن تختفى إلى الأبد تلك المهزلة التى أسقطت عن كل حكام مصر مسؤوليتهم السياسية تجاه ما يرتكب فى ظل حكمهم من أفعال، لذلك فأنا أؤمن أن الشعب المصرى لن يحاكم مبارك -فقط- على مسؤوليته عن قتل المتظاهرين، بل سيحاكمه على مسؤوليته السياسية عن غرقى العبارة وقوارب الموت وعن ضحايا محارق القطارات والمسارح وضحايا السرطان والفشل الكلوى وأمراض الكبد وضحايا التعذيب فى سلخانات داخليته وضحايا التزوير فى لجان انتخاباته وضحايا التعليم فى مدارسه، أنا أؤمن بهذا، لأننى أؤمن بالله -عز وجل- وإذا كان الله -عز وجل- قد جعلنا نرى بأعيننا كيف لا تدوم دولة الظلم وكيف لا ينفع الطاغية طغيانه، فيجب أن نوقن أنه لن يحمى مبارك من العقاب أحد، لا جيش ولا شرطة ولا مخابرات ولا جن أزرق، فالله فوق الجميع.
ستقول لى يا سيدى: دعك من العموميات وخلّينا فى شهادة المشير، سأقول لك ببساطة: لا أستطيع أن أحكم -سلبا أو إيجابا- على شهادة مسربة غير رسمية، أيّا كانت ثقتى فى من قام بتسريبها، أو تضامنى مع حق الناس فى المعرفة، أنا أثق أن المشير طنطاوى لن يشهد زورا بعد أن حلف اليمين وأمسك بيده كتاب الله، أنا أثق أنه لن يقوم بتبرئة حسنى مبارك أبدا، ليس لأنه إذا فعل ذلك سيسىء إلى شرف العسكرية المصرية، بل لأنه ببساطة إذا لم يقم بإدانة حسنى مبارك ولم يقر بمسؤوليته السياسية عما جرى للشهداء والجرحى سيكون قد أدان نفسه، وأظن أنه أكثر حكمة من ذلك، فالمشير يعلم أن ملايين المصريين شاهدوه وسمعوه يقول على الهواء مباشرة إن الله وفّقه هو وأعضاء المجلس العسكرى لكى يتخذوا قرارا بالإجماع برفض فتح النيران على الشعب، ولا أظن أن المشير لم يكن أبدا سيتلقى أمرا بفتح النيران لكى يرفضه إلا ممن يرأسه ويمتلك حق توجيه الأوامر له، وهو رئيس الجمهورية فى حالة مصر التى يمتلك وزير الدفاع فيها وضعا خاصا يعلمه الجميع، ولو فرضنا أن المشير كان يرتجل يومها ولم يكن يعنى -بالتحديد- أن أمرا صدر له بإطلاق النيران فنحن نستند إلى البيان رقم 52 الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يؤكد -فى البند الثانى منه- بصريح العبارة- أن المجلس حمى الثورة عندما رفض الأوامر بفتح النار على المتظاهرين، وهى شهادة، لا أعتقد أن أحدا أيّا كان قدره يمكن أن يشكك فيها أو يسحبها أو يتراجع عنها.
أنا من الملايين الذين يعتقدون أن الجيش المصرى العظيم حمى الثورة، وهم لم يعتقدوا ذلك خوفا أو رهبة أو طمعا أو رجاء، بل بنوا اعتقادهم على جملة محورية لم تكن لتنجح الثورة المصرية بدونها هى «لم ولن يطلق النار على المتظاهرين» وهى جملة كانت كافية بالنسبة لهم لكى يغضوا الطرف عن الكثير من التفاصيل غير المريحة، وارتضوا -بناء على هذه الجملة- أن يكون الجيش شريكا فى ثورتهم، صحيح أن المجلس العسكرى الذى أصبح القائد السياسى للبلاد تحول فى بعض الأحيان إلى شريك مخالف، لا يلبّى المطالب إلا بالضغط ووجع القلب، لكن الجميع ظل يتغاضى عن ذلك، تقديرا لتلك الجملة الرائعة واحتراما لحقيقة أن الجيش حمى الدولة المصرية من الانهيار بعد أن سقط النظام الذى التصق بها لأكثر من ستين عاما، فأفقرها وأرهقها، ولذلك كله لا أظن أن أحدا حتى لو كان لا يخاف من الله ولا يخاف على مصر يمكن أن يخاطر بهدم مصداقية تلك الجملة العظيمة «لم ولن يطلق النار على المتظاهرين».

 
-