Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

عمر حاذق يكتب: بيادتك في رجلك يا سيادة المشير!


عندما قامت صفحة كلنا خالد بنشر مقتطفات من الصحف القومية بعد ثورة 23 يوليو مباشرةً، ثم نفس هذه الصحف عام 1954، بحيث يمكن المقارنة بين التصريحات الصادرة عن الضباط الأحرار فور استلامهم السلطة، ووعودهم البراقة الجميلة المفعمة بالأمل والحرية والديمقراطية من جهة، وبين تصريحات الرئيس عبد الناصر سنة 1954 حين قرر إلغاء الانتخابات، ومنع تكوين الأحزاب، فتأسّس الحكم العسكري الذي جرّ على مصر خراب ستين سنة تقريبا، حتى ظننا أن يوم 11 فبراير هو نهاية هذه الحقبة. أقول إنني حين رأيت صور هذه التصريحات على الصفحة، اندهشتُ وسألت نفسي: ما الذي يقصده الأدمن من عرض هذه التصريحات والمقارنة بينها؟ هل يريد الإشارة إلى أن المجلس العسكري قد يكرر هذه التجربة البشعة؟ أجبتُ على نفسي بسرعة: أكيد لا، لا يمكن أن يفكر المجلس بهذه الطريقة أبدا. صحيح أنني أرى بوضوح أن المجلس لا يزال يمثل بوضوح شديد إرادة سياسية معادية للثورة؛ إرادة سياسية تحمي مصالح النظام السابق وتكرسه، وتدفع بالفلول إلى الأمام، وتحمي القيادات الفاسدة المستمرة مثل قيادات الجامعة التي رفضت الاستقالة، وتفكر بطريقة مضحكة فتتصور أن معارضتها خطر كبير يجب استئصاله فتحاكم معارضيها عسكريا وتمد قانون الطوارئ، وتختار لرئاسة الوزراء رجلا ضعيفا منقادا مربوطا بأوامرهم هو ووزراؤه الذين حرصوا منذ بدايتها على أن تضم قدرا معتبرا من أعداء الثورة، ولم يتحسن التشكيل الوزاري وينضف قليلا إلا مع المليونيات التي أجبرت المجلس على تحقيق بعض المطالب البديهية للثورة. وهذه هي المشكلة.
لو كان للمجلس إرادة ثورية، لسعى سعيا إلى تحقيق مطالب الثورة، دون ضغوط ومليونيات. رغم كل ذلك، قلت لنفسي: أكيد لا، لا يمكن أن يفكر المجلس في الاستحواذ على السلطة، ليس لافتراض حسن نواياه، بل لأنه أذكى كثيرا من أن يفوته درس الثورة؛ الدرس الذي تغابى عنه مبارك فشرحه له الشعب خلال 18 يوما، حتى فهم أخيرا وانخلع. لا يمكن أن يكون المجلس العسكري غافلا أو متغافلا عن هذا الدرس لأنه أوضح من الشمس. ورغم أنني كنت دائما ضد فكرة إسقاط المجلس لأنها تعني في رأيي تدمير مصر، لكنني أرى أن الضغط السلمي عليه لتحقيق مطالب الثورة أمر مهم، مادام بشكل متحضر سلمي يتسق مع روح ثورتنا العظيمة، ومادام لائقا بحكمة المجلس العسكري حين قرر في اللحظة الحرجة أن لا يضرب الشعب؛ صحيح أنه لم يكن ممكنا أن يقوم مجند مصري عادي بقتل أبناء شعبه، وقيادة المجلس واعية تماما بذلك، لكنني سأظل أحيّي المجلس بسبب هذا القرار، وسأظل أكتب وأدعو إلى تكريس التحول الديمقراطي للسلطة، وإقامة الانتخابات في موعدها، ليس فقط الانتخابات البرلمانية بل الرئاسية أيضا، حتى لو فاز بها تيار سياسي أعارضه تماما.
لكن المشير طنطاوي قام بعمل مفزع بكل معنى الكلمة، ليس فقط أن يزور وسط البلد، فهو حر طبعا، لكن أن يخلع ملابسه العسكرية ويرتدي ملابس مدنية، ويتجوّل أمام كاميرات الفضائية المصرية؛ بما يعني أن هناك تنسيقا صريحا بين الإعلام المصري وقيادة الجيش، التي أخبرت القناة بالزيارة وسمحت لها بتصويرها ثم تقديمها، فكيف تم تقديمها لنا؟ شاهد هذا الفيديو وامسك لسانك أرجوك:
http://www.youtube.com/watch?v=XMuQqGKZJGc&feature=share
وبعد أن تشاهد الفيديو ادخل على صفحة كلنا خالد سعيد واقرأ لينكات الصحفي (اللامع!) جمال زايدة (مدير تحرير الأهرام) قبل الثورة وبعدها، وارصد بتأنٍ تحولاته الفكرية العميقة كما ستوضح لك الصفحة، وإذا قررتَ يوما أن تصبح منافقا، فأنصحك أن تحتفظ بمقالاته لتتلمذ على قلمه الجبار، لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، ففي جريدة التحرير قرأت خبرا عن رؤساء 22 حزبا يطالبون المجلس العسكري بتأجيل الانتخابات البرلمانية ستة أشهر أخرى. يمكنك البحث عن الخبر على الموقع لأن اللينك طويل جدا... كل ذلك في توقيت واحد، يا محاسن الصدف. لكنك ستضحك طويلا لأنني أراهنك أنك لن تعرف من هذه الأحزاب الكرتونية الـ22 إلا حزبا واحدا أو اثنين على الأكثر، لأنك طبعا مازلت تذكر فضيحة الحاج محمد عبد العال رئيس حزب العدالة الاجتماعية وقضية رشوته المدوية التي لا أريد إعادة تفاصيلها لأنني أظن أنني عكرتُ دمك بما فيه الكفاية.
قيادة المؤسسة العسكرية للدولة تعني تكريس مفهوم الدولة الأبوية، أي الدولة التي تلعب دور الأب مع مواطنيها، وليست الدولة الخادمة لهم، يعني الدولة التي تعرف كل شيء وتقرر كل شيء، ورئيسها هو القائد الأوحد الذي لا شريك له، الدولة التي لا تسمح بإنشاء منظمات للمجتمع المدني ولا أحزاب معارضة حقيقية ولا نقابات مستقلة، الدولة التي تفزع من مبدأ تداول السلطة والشفافية والتعددية والحرية واحترام حقوق المواطن واستمداد الشرعية منه، بدلا من الضغط على السيد شرف لاختيار إعلامي من النظام السابق وليس من فلوله أصلا ليصبح وزيرا للإعلام، ومهندسا لعملية تحويل المشير لـ"قائد" مصر في المرحلة القادمة، الدولة الأبوية هي التي لا تحترم عقول الناس وتظن أنه من الممكن أن يخلع السيد المشير بيادته ويلبس كرافتة أنيقة، فنصدق أنه قائدنا للمرحلة القادمة. الكارثة أن المشير نفسه ربما لا يكون صاحب هذه الفكرة أساسا، فقد يكون مخترع الفكرة صفوت شريف جديد، أو عز جديد، أو سرور جديد....
هل تعلم يا مشيرنا الموقر أن شكلك ببيادتك في رجلك وكابك على رأسك ورتبتك ونياشينك العسكرية تزين أكتافك وصدرك.... شكلك بهذا الزي العظيم أنبل وأشرف وأجمل من أي ملابس مدنية؛ أرجوك إذن، عُدْ لبيادتك وبدلتك العسكرية التي حفظنا صورتك بها، لأنني أخشى أن يأتي يناير القادم، فنجد شباب مصر يتداولون على الفيس بوك مقاطع فيديو كثيرة لنزع صورك من الميادين وإحراقها؛ أعني صورك بالبدلة والكرافتة الكحلي البالغة الشياكة.

1 التعليقات:

العاب يقول...

مدونة رائعة و شكرا على المجهود
و لمتابعة اخر الالعاب و العاب الفلاش زيارة
العاب فلاش

إرسال تعليق

 
-